من أحد أعمالي الروائية -التصنيف: -غموض-

تفاصيل العمل

اعتقدَ أثناء جريه المضني أنه وصل للحافة أخيرا، لهث وهو يلتفت وخليات دماغه لم تأبى السكون في تلك الغمرة، وكأنها أقسمت على ألا يحصل على راحة في تلك اللحظة الحاسمة، صرخت جميعها:

-سيتم إمساكك، سيتم إمساكك..

تنهد وهو يتذكر بداية كل هذا، حين وقف أمام تلك الخزنة المالية، فتح آنذاك أبواب الجحيم عليه دون أن يدري، تصبب عرقه كنهر بارد يجري، تراجع وهو يريد إقفالها، منذ متى أصبح سارقا؟، ما عن أقفلها وأراد الرجوع لينهي الكابوس سريعا، حتى ظهرت له والدته وهي تبكي بسبب ضرب المرابين لها دون أدنى رحمة لسنها أو مرضها..

فتح الخزنة مجددا، أخذ بعض قطع الذهب وقلبها بين أصابعه، أقحم بعضها في جيبه..

ظهرت له قسمات الأمير الهادئة التي كانت ترمقه كل صباح في الحديقة، شعر بوخز في قلبه ونوع من تأنيب الضمير، ماذا فعل له الأمير ليسرقه، ماذا رأى منه إلا الخير، بل أكثر من ذلك وثق فيه لحد أن يترك له القصر مفتوحا على مصراعيه..

تنهد وهو يهمس:

-وهل سرقتي ستجعل ثروات الأمير تتناقص؟ أموالهم تتوالد يوما بعد يوما..

وضع ألف مبرر غاشم على عينيه ليجعل ذاته ملاكا بريئة لا دخل لها في كل ما يحدث، ليقطع الشك باليقين بأن النفس البشرية لا قرار لها، فهي مسيرة لا مخيرة في كل ما يحدث لها..

أقنع نفسه بأوهام لا صلة لها بالواقع أن بضع ذهبيات ستنقذه، وبالتالي لن تضر أهل القصر الأثرياء ذوي السلالة الملكية النقية..

في خضم صراعه الفكري لمع أمام عينيه بشكل غريب بريق بلون أزرق خيالي، فتح فمه حتى كاد لعابه يسقط على ملابسه، بلعه على عجلة واندفع بأصابعه الآثمة ليرى ما هذا..

هناك لمسها لأول مرة، الفاتنة الزرقاء، حملها بين يديه، وهو يشعر أنها نهاية الدنيا، كيف لها أن تملك كل هذه الجمالية، وكأنها أنثى ناضجة أوان قطافها، تخبره أنها له كليا..

فجأة..

أفاق من ذكريات تلك الليلة، الآن هو في زقاق مظلم، والأمطار جعلت منه قطا شريدا، سمع صوت أقدام تقترب، ما إن حاول الالتفات للنفاذ بجلده.. حتى وضع مسدس على رأسه..

صرخت خلايا عقله الغبية:

-ألم نقل لك أنهم سيمسكونك

بطاقة العمل

اسم المستقل Afaf M.
عدد الإعجابات 0
عدد المشاهدات 312
تاريخ الإضافة
تاريخ الإنجاز